صنع الله الذي أتقن كل شيء
صنع الله الذي أتقن كل شيء
الشيخ عبدالله محمد الطوالة
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين..معاشر المؤمنين الكرام: إنَّ المتأمِّلَ في الكون وآفاقه، المتفكرَ في بديع صنعِ الله وآياته، يشعرُ بجلال اللهِ وعظمتهِ، فالكونُ بكُلِّ ما فيه، خاضعٌ لأمرِ سيدهِ، منقادٌ لتدبير مولاه، شاهدٌ بوحدانيةِ اللهِ وعظمته، دائمُ التسبيحِ بحمده، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون ﴾ [النور:41].. فسبحانَ من سبحت له السمواتُ وأملاكها، والنجومُ وأفلاكها، والأرضُ وسكانها، والبحارُ وحيتانها، والأشجارُ وثمارها، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء:44].. سبحانه وبحمده: أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، ووسعِ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمَا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكما، ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه:110].. جلَّ جلاله: تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمته، وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزتِه، وخضعَ كلُّ شيءٍ لهيبتهِ، واستسلَمَ كُلُّ شيءٍ لمشيئته، ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ [الأنبياء:19].. تباركَ وتقدس: لا تدركهُ الأبصارُ، ولا تغيرهُ الأعْصَارُ، ولا تتوهمُه الأفكارُ، ﴿ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد:8].. سبحانه وبحمده: خالقُ كل شيء، ورَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، ولهُ كل شيءٍ، أتقنَ كل شيءٍ، وأَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ، ولَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وبيده ملكوتُ كل شيء، أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عددًا، وأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ علمًا، وأَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَا، ووسعَ كل شيء رحمةَ وعلمًا، وأعطى كل شيءٍ خلقهُ ثم هدى، على كل شيءٍ قدير، وهو بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ، وعلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ، وكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.. ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى:11]..للهِ في الآفاقِ آياتٌلعلَّ أقلَّهَا هو ما إليهِ هَدَاكَاولعَلَّ ما في النفس من آياتهعَجَبٌ عُجَابٌ لو ترى عَيناَكاوالكَونُ مَشحُونٌ بأسرارٍ إذاحَاولتَ تَفسِيرًا لها أَعْيَاكَايا أيَّها الإنسَانُ مَهلًا ما الذيبالله جلَّ جلالهُ أغرَاكا؟ألا فاتقوا عباد الله وعظموه، واقدروه حقَّ قدرهِ وراقبوه، فمراقبةُ اللهِ وتعظيمهُ صمّامُ أمان، ووازعُ خيرٍ، ومانعُ شرٍ بإذن الله.. ثم اعلموا أنَّ ثمرةَ الاستماعِ هي الانتفاع، وأنَّ دليلَ الانتفاعِ هو الاتّباع، فطوبى لعبدٍ استمعَ فانتفعَ فاتَّبعَ وأطاع، جعلني الله وإياكم من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر:18]..ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت، فإنك مفارقه، واعمل ما شئت، فإنك مجزي به.. البر لا يبلى، والذنب لا ينسى ، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|