حكم قتل الزوج لزوجته وعشيقها إذا ضبطهما متلبسين بالزنا
السؤال
سمعت شيخا يقول : إن من رأى زوجته تزني مع رجل وقتلهما ، إنه يقتل ، واستشهد بحديث أن النبي قال لصحابي ذلك ، وقال أما حديث الصحابي الذي يغار ، قال فيه : لا يوجد فيه حث على القتل ، ما رأيكم؟الجواب
الحمد لله.
من دخل على زوجته وجدها تزني – والعياذ بالله – إن كان معه شهود أربعة يشهدون : ليُشهدهم ويذهب بهم - إن أراد - إلى القضاء الشرعي ، ليدعي على زوجته بالزنا ، ويقيم البينة على ذلك ، ليقام عليها وعلى الزاني الحد .وإن لم تكن له بينة : قد شرع له القرآن الملاعنة أمام القضاء الشرعي أيضا , وقد سبق الكلام عن الملاعنة وما يترتب عليها من أحكام في الفتوى رقم (33615*) .
أما إن تملكه الغضب قتلها ، وقتل الزاني بها ؛ إن كان معه أربعة شهود يشهدون على فعلهما للزنا ، أو شهد ورثة القتيل بذلك : لا شيء عليه من قصاص أو دية , ويؤيد ذلك " مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (رضي الله عنه) أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، قَتَلَهُ ، قَالَ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، لْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ ، إِنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ ، لَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَتَغَدَّى ، إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَعْدُو ، وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ خَلْفَهُ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عُمَرَ ، جَاءَ الْآخَرُونَ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، قَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي ضَرَبْتُ خِذَيْ امْرَأَتِي ، إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ قَدْ قَتَلْته، قَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ ، وَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيْ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَقَالَ: إنْ عَادُوا فَعُدْ . رَوَاهُ سَعِيدٌ . وَلِأَنَّ الْخَصْمَ اعْتَرَفَ بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ، فَسَقَطَ حَقُّهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا ، أَوْ فِي حَدٍّ يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بَيِّنَة : فَكَذَلِكَ " انتهى من مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (6 / 42).
ويلاحظ أن هذا المذهب لم يفرق في عدم مؤاخذة الزوج بقتل الزاني - حال وجود البينة - بين كونه محصنا ، أو غير محصن.
وهناك من اشترط في عدم مؤاخذة الزوج القاتل : كون الزاني المقتول محصنا , لأن الزاني المحصن هو الذي يستحق القتل ، دون غير المحصن . قال النووي في شرحه على مسلم (10 / 121): *" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا ، وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ زَنَى بِامْرَأَتِهِ , فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ , وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةٌ مِنْ عُدُولِ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَى نَفْسِ الزنى ، وَيَكُونُ الْقَتِيلُ مُحْصَنًا , وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى : فَإِنْ كَانَ صَادِقًا ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .*
والله أعلم.