احداث يوم الثاني من رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
في الثاني من رمضان عام 732 هـ / 1332 م في تونس في عهد الدولة الحفصية ، وُلد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن خلدون الحضرمي ، نشأ في كنف أسرة تميزت بالعلم والأدب ، فقد حفظ القرآن الكريم في طفولته وكان أبوه هو معلمه الأول ، وقد شغل أجداده في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ ، نزح أهله من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري وتوجهوا إلى تونس ، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين.
عاش ابن خلدون معظم مراحل حياته في تونس والمغرب الأقصى ، وكتب الجزء الأول من(( المقدمة ))بقلعة أولاد سلامة بالجزائر ، وعمل بالتدريس في جامع الزيتونة بتونس ، وفي المغرب بجامعة القرويين في فاس.
وقد اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والحزن على وفاة أبويه وكثير من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة 749 هـ / 1348 م ، وتفرغ لأربع سنوات في البحث والتنقيب في العلوم الإنسانية معتزلاً الناس ليكتب سفره الخالد أو ما عُرف بمقدمة ابن خلدون ، ومؤسساً لعلم الاجتماع بناءً على الاستنتاج والتحليل في قصص التاريخ وحياة الإنسان.
واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث والتفكير ، وفي سني عمره الأخيرة وفد ابن خلدون على القاهرة ليكون قاضي المالكية في مصر ومدرساً في أكابر جامعاتها ، وهي المدرسة الظاهرة ، وبعد حياة حافلة بالعطاء توفي ابن خلدون - رحمه الله - بمقابر الصوفية بقرافة القاهرة عام 808 هـ/ 1405 م.
يعتبر ابن خلدون أحد العلماء الذين تفخر بهم الحضارة الإسلامية ، فهو مؤسس علم الاجتماع وأول مَن وضعه على أسسه الحديثة ، وقد توصل إلى نظريات باهرة في هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها ، وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه - لاحقاً بعدة قرون - عددٌ من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت.
وقد عدّدَ المؤرخون لابن خلدون عدداً من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق ، غير أن من أشهر كتبه: كتاب ((العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ))، وهو يقع في سبعة مجلدات ، وأوَّلها المقدمة وهي المشهورة أيضاً بمقدمة ابن خلدون ، وتشغل من هذا الكتاب ثُلثه ، وهي عبارة عن مدخل موسَّع لهذا الكتاب ، وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصِّل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|