الصفح الجميل
معنى الصفح الجميل
الصفح بمعناه العام هو العفو عند القدرة على أخذ الحق، ويكون عندما يتعرض الشخص لظلم ما ثم تكون لديه القدرة على أخذ حقه ممن ظلمه ولكن يعفو ويصفح عنه، والصفح الجميل هو الصفح المطلق دون عتاب أو حديث عما مضى، وهذا المعنى الذي ذهب إليه الإمام بن تيمية.
الصفح هو واحد من الطرق الذي يأخذ المظلوم بها حقه، فله ثلاث طرق إما أن يستوفي حقه تمامًا وهذا ما يسمى العدل، وإما أن يأخذ أكثر من حقه وهو صفة سيئة أي صفة الأرذال، والأخيرة هي الصفح وهو التنازل عن الحق وعدم العتاب وهو اختيار الأنبياء والصديقين والصالحين.
يكون الصفح جميلًا إذا كان بلا عتاب وزيادة على ذلك يشوبه الإحسان إلى الشخص الذي تسبب في الظلم، والصفح والعفو من الصفات التي قام عليها المجتمع الإسلامي حيث أن الصفح من الأخلاق والآداب التي يفتخر كل مسلم أنه يتحلى بها لأن الصفح وخاصة الصفح الجميل من صفات المحسنين.
ما المراد بالصفح ومتى يكون جميلا
العفو عند المقدرة.
أحيانًا تتعرض لظلم ما من أشخاص، ثم تأتي لك الفرصة لتنتقم من هؤلاء الأشخاص أو أن تعاتبهم على ما فعلوه ولكنك لا تفعل هذا، بل تصمت وتنهي الأمر وليس هذا فقط بل تسامحهم على ما فعلوه دون معاتبة أو أي شيء آخر، وهذا بالضبط هو تعريف الصفح، فالصفح هو العفو عندما تأتي لك القدرة على الانتقام، فهذا رسول الله عندما دخل مكة وكان يستطيع الانتقام من الكفار ولكنه قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، هذا معنى رائع للصفح.
يكون الصفح جميلًا عندما يخلو من العتاب وذكر الماضي أو ذكر الظلم الذي تعرض له الإنسان والعفو حقيقة دون إخفاء أي معانٍ أخرى داخل نفس الإنسان، ويكون أجمل عندما يشوبه الإحسان، لذلك الصفح من أجمل الصفات التي قد يتحلى بها إنسان، وأشار الإسلام إلى هذا المعنى كثيرًا لأنه يريد من أهله أن يعاملوا من أساء إليهم بالإحسان، لأن الإحسان والصفح فيه فيه شيء جميل يمحي أثر الأشياء السيئة من النفوس، ويطهرها ويجعلها أكثر قدرة على العطاء.
معنى الصفح الجميل في القرآن
جاء معنى الصفح في الكثير من الآيات في القرآن وباختلاف المواضع إلا إن الصفح دائمًا له معنًا واحد وهو العفو عند المقدرة والإعراض رغم كل شيء، ففي الآية: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ غ— وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ غ– فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}، فالله سبحانه وتعالى يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه خلق هذه الأرض ليس عبثًا بل جعل لها العدل مقياسًا.
خلق الله سبحانه وتعالى الأرض السماء والأرض بالحق لا بالظلم والجور، لذلك عند عدم استجابة الكفار للرسول قال الله له فاصفح الصفح الجميل، أي أعرض عنهم فالله خلقهم وهو عالم بهم وبأفعالهم وهو كفيل بعذابهم بسبب الأفعال التي كانوا يفعلونها برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والكفر به.
ما هو الصفح الجميل والصبر الجميل والهجر الجميل
الصفح الجميل.
الصبر الجميل.
الهجر الجميل.
ذكرت معانٍ كثيرة في القرآن وجميلة ومن الصفات التي يجب أن يتحلى بمها المؤمن أو يجعلها مركزًا في حياته للتعامل مع الناس، ومن أهمها الإنسان الذي إذا خالط شيئًا جعله جميلًا لذلك كان هناك:
الصفح الجميل: الصفح معناه القلب، أن تقلب صفحة ما وتعرض عنها، أو ان تعرض عن أشخاص تسببوا لك في ظلم كثير وكبير، في حين أن لديك المساحة التي تجعلك تعاتب وتنتقم من هؤلاء الأشخاص ولكنك تفضل الصفح عنهم، وليس هذا فقط بل تحسن إليهم أيضًا رغم الظلم، تحسن إليهم وتنسى ما فعلوه بك وهذا لا يستطيعه أي إنسان بل الإنسان الذي في قلبه إيمان.
الصبر الجميل: الصبر من الصفات الجميلة التي يمكن أن يتحلى بها مؤمن، لأن الصبر يجعل المؤمن قادر على تخطي الصعاب والابتلاءات في هذه الحياة، ولكن يكون الصبر جميلًا عندما لا يكون فيه جزع بل صبر به إيمان، وبدون شكوى لغير الله.
ذكر الصبر الجميل في القرآن في الآية التي كان يدعوا فيها الرسول الكفار لذلك نصحه الله سبحانه وتعالى أن يصبر صبرًا جميلًا في مواجهتهم، لأن أمر الدعوة شاق يحتاج إلى التسلح بالصبر في مواجهة مشاق الدعوة وتسليم الأمر في النهاية لله لأنه لن يؤمن أحد بغير الله وبغير هديه.
الهجر الجميل: الهجر الجميل هو الهجر بالإحسان دون افتعال مشكلات، بل ينتج من تجنب المشكلات، فإذا وضع الإنسان في موضع يجب أن يهجر فيه فلا بد أن يتحلى بصفات المؤمن وأن يهجر بإحسان ويهجر هجرًا جميلًا.
الفرق بين الصفح والعفو
العفو هو التجاوز والصفح هو ترك التأنيب والعتاب.
رغم أن العفو والصفح يأتيان بنفس المعنى أحيانًا إلا أن بينهم فرق، فالصفح هو ترك التأنيب والعتاب أما العفو فهو التجاوز والصفح أبلغ من العفو لأن العفو هو التجاوز ولكن مع بقاء أثر ما حدث في نفس الإنسان أما الصفح فهو التجاوز عن الخطأ مع محو أثر هذا الظلم في النفس تمامًا حيث قال القرطبي في تفسير الفرق بينهما: والعفو ترك المؤاخذة بالذنب، والصفح إزالة أثره في النفس، صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه، وقد ضربت عنه صفحًا إذا أعرضت عنه وتركته.
يأتي الصفح والعفو في القرآن بنفس المعنى وكذلك عند الحديث عن فضلهما يتم الجمع بينهما، فالعفو والصفح أمر رباني أمر الله به في القرآن في العديد من الآيات وفي مواضع كثيرة وهو من صفات المؤمنين لأنه يكون مشوبًا بالإحسان، كما أن الصفح والعفو أمر نبوي حيث أمر الله الصحابة في التجاوز فيما بينهم وألا يرفعوا إليه شكواهم، والعفو من صفات الله عز وجل وهو الذي يتجاوز عن المعاصي ويمحو السيئات ويغفر لنا ذنوبنا مهما كانت.
متى يكون الصفح
عند المقدرة.
الصفح يكون صفحًا وعفوًا عندما يقدر الإنسان على أخذ حقه ولا يفعل هذا بل يدع من ظلمه ويحسن إليه بأن يتركه وفي هذه الحالة يكون الصفح جميلًا، ولكن هناك حالات لا يجب أن يكون الإنسان فيها مصفحًا ولا يكون العفو فيها محمودًا، رغم أنه من الصفات الحسنة وهو أفضل من أخذ الحق بالعدل والانتصار للنفس لأنه يجعل النفس تترك حظها وتلتفت للآخرين، ولكن لا يكون العفو محمودًا في حالات ويدل على الضعف والذل في حالات أيضًا.
عندما يظلم شخص في حق أحد وهذا الشخص سلوكه وأخلاقه سيئين فمن الجيد أخذ الحق منه عنوة لأنه سيجعل في نفسه أنك ما أصفحت إلا لأنك ضعيف لا تستطيع أخذ حقك وفي هذه الحالة يكون الانتقام محمودًا، والعفو هو الأفضل دائمًا فما زاد الله بالعفو عبدًا إلا عزًّا، ولكن إذا ترتب علي العفو أشياء غير محمودة أو أشياء محرمة حيث في هذه الحالة يكون الانتقام هو الأفضل وخاصة لو كان انتقامًا لحرمات الله لأن العفو قد يترتب عليه أشياء محرمة كثيرة يمكن أن يفعلها الإنسان.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|