أهمية السلام في الحياة وبعد الممات
الحمد لله الذي أمرنا بالسلام، ودعانا إلى الإسلام، وحذرنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على رسول السلام محمد بن عبدالله، حامل لواء السلام بين الشعوب والقبائل، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
السلام اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، وصفة من صفاته، وقد سمَّى الله به دارًا في الجنة؛ وهي دار السلام، ويدخل أهل الجنة بسلام يصحبه الأمن والخلود، وتحية أهل الجنة من رب العالمين هي كلمة السلام.
إن الله سبحانه وتعالى دعانا إلى الدخول في دين الاسلام؛ لأنه مِلَّة السلام، والمسالمة، والصلح؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208].
عباد الله، إن الاختلاف أمر فطري بين بني البشر، لكن متى وقع الاختلاف فدعيتم إلى السلام، والأمن، والاستقرار، فلبُّوا الدعوة بعدما ترجح لديكم، أنهم يريدون المسالمة، والمسامحة، والمساعدة، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنفال: 61].
كما أنه جعل كلمة السلام خاتمةً لأهم ركن من أركان الإسلام؛ وهي الصلاة، ومِفْتاحًا من مفاتيح باب المحبة بين الناس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلَا أدُلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبْتُم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ رواه مسلم.
فإفشاء السلام فيما بيننا في البيوت، والشوارع، والمراسلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والإذاعات، والقنوات الفضائية، فما هو إلا دعاء، ودواء، طلبًا من الله سبحانه وتعالى أن ينشر السكينة، والرحمة، والبركة والأمن، وترسيخ المحبَّة في قلوبنا ومجتمعاتنا.
ويستحبُّ على من يرد التحية أن يكون بشوشًا أو مبتسمًا أو منشرح الصدر، ليكون الرد أحسن من البدء، مصداقًا لقوله: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].
عباد الله، إن المسلم الموفَّق هو المسالم في أقواله، وأفعاله، وحضره، وسفره، وحركاته، وسكناته، في حياته، ومماته، ويوم حشره أمام رب العالمين.
ويقول الله سبحانه وتعالى لسيدنا يحيى بن زكرياء عليه السلام: ﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 15]، وكذلك يقول سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، فلنكن من أهل السلام، ومع أهل السلام، نحيا بسلام، ونموت بسلام.
الخاتمة: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، وإليك السلام، فارزقنا السلام في حياتنا، وبعد مماتنا، ويوم الحساب.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|