ما بين احترام الآخر والاعتدال
مع النفس تدور شخصية المسلم،
فعند احترام المرء وتوقيره لغيره،
وانصاته عند الاستفهام،
وترك الفضول والحديث إلا لحاجة
والمشى فى غير مصلحة،
عندئذٍ يكتمل وقاره وتحل هيبته،
هذه هى الشخصية التى أرادها الله
-سبحانه وتعالى- لخلقه،
والتى بينها فى كتابه العزيز فى قصة
لطيفة على لسان لقمان الحكيم
حينما خاطب ولده ناصحاً:
«ولَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ
وَلَا تَمْشِ فِى الْأَرْضِ مَرَحًا
إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ
مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ
الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ».
لم يكن حديث لقمان لابنه مجرد
وصية عابرة، قدر ما كانت
تعبيراً عن منهج تربوى منضبط
يشكل شخصيته بما يتناسب مع
الهيئة التى أرادها الله لخلقه
والتى بُعث عليها أنبياؤه ورسله
-عليهم السلام-، الذين لم
يبلغوا مكانًا بين الناس بشيء
أكثر مما بلغوه بوقارهم وهيبتهم
وحسن سمتهم. والوقار
هو حلة العلماء عند جلوسهم
بين يدى الناس تقديرًا واحترامًا
لما يلقونه من علم،
ونهذب سلوكنا بما يلائم كوننا
مسلمين خاصة ونحن فى شهر النفحات،
شهر التربية والتدريب
العملى على مكارم الأخلاق،
يجب أن نظهر مواطن الجمال
الحقيقية داخلنا،
ونستجلب المعانى التى تزكى
الشخصية وتلبسها هيبة الأخلاق
وحسن المعاملة، الذى
هو أجمل ما فى شخصية المسلم
بل هو الشخصية الحقيقة للمسلم،
لأن الرفعة الحقيقة للمسلم
فى التواضع ولين الجانب
فلا يزدرى غيره بنعمة فضله الله بها،
أو بأخرى حرم غيره منها،
لأن المانح والمعطى هو الله،
لذلك كانت الأفضلية التى جعلها
الله بين خلقه