المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعريف الإيمان وأنه يزيد وينقص


دمعة الفرح
04-24-2024, 03:20 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة، أفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)).هذا الحديث يعد من أصول المسائل العقدية التي اهتم بها السلف؛ وذلك لكونه يتضمن مسألة الإيمان.ولا شك أن مسألة الإيمان من المسائل الفارقة بين أهل السنة وأهل البدعة، وهي من أصول المسائل التي حرص السلف على تبيينها وتفصيلها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكلام الناس في هذا الاسم ومسماه كثير؛ لأنه قطب الدين الذي يدور عليه، وليس في القول اسم عُلِّق به السعادة والشقاء، والمدح والذم، والثواب والعقاب - أعظم من اسم الإيمان والكفر؛ ولهذا سُمي هذا الأصل (مسائل الأسماء والأحكام)".الإيمان لغة: مصدر آمن يؤمن إيمانًا فهو مؤمن، ومعنى الإيمان عند العرب: التصديق، فيُدعى المصدق بالشيء قولًا: مؤمنًا به، ويُدعى المصدق قوله بفعله: مؤمنًا، ومن ذلك قول الله جل ثناؤه: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17]؛ والمعنى: وما أنت بمصدق لنا في قولنا.والإيمان يكون متعديًا بنفسه ومتعديًا بغيره:
1- بنفسه: يُقال: آمنته؛ أي: جعلت له الأمن وهو التأمين من الخوف، قال الله تعالى: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1 - 4]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا أَمَنةٌ لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يُوعدون))، ومنه اسم "المؤمن" لله عز وجل؛ لأنه يؤمِّن عباده من الخوف والفزع يوم القيامة.
2- يتعدى بالباء: فيكون معناه: التصديق، فتقول: آمنت بالله أو آمنت برسول الله، قال الله تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾ [البقرة: 136]، ولما جاء الرجل يستنصح النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قل: آمنت بالله ثم استقم)).
3- ويتعدى باللام: ويكون معناه: الاتباع والانقياد والإذعان، قال الله تعالى: ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ﴾ [العنكبوت: 26]، فيُقال: آمنت لله؛ أي: أذعنت وخضعت وانقدت لأحكام الله وأوامره.
وعليه؛ فالإيمان ليس مقصورًا على التصديق فحسب، بل يشمل معنى التصديق والإقرار والانقياد.
تعريف الإيمان اصطلاحًا: هو قول وعمل ونية واعتقاد، هذا في الجملة؛ فإن ألفاظ السلف تنوعت في تفسير الإيمان، وإن كان مقصودهم واحدًا.
• الإيمان حقيقة مركبة من أربعة أجزاء:
قول ظاهر وباطن، وعمل ظاهر وباطن، وهذا يعني أمرين لا نزاع فيهما عند أهل السنة:
1- لا يجزئ القول من دون العمل، وهذا بإجماع أئمة السلف.
2- أن الكفر يكون بالقول والعمل، كما يكون بالاعتقاد والترك.
فالإيمان قول وعمل ونية، أما قول القلب: فهو تصديقه وإقراره ويقينه ومعرفته، وأما عمل القلب: فهو تحركه وإرادته؛ مثل: الإخلاص، والتوكل، والرجاء، والخوف، والوجل، والمحبة.وأما قول اللسان: فهو الإقرار بالله وبما جاء من عنده، والشهادة لله بالتوحيد ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
الأدلة على أن قول القلب من الإيمان:
1- قال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: 1]، فقد أثبت عليهم حكم النفاق ونفى عنهم الإيمان؛ وذلك لانتفاء قول القلب الذي هو الإقرار والتصديق، وفي الآية دلالة على أن الشهادة ليست مقصورة على قول اللسان، بل يدخل فيها قول القلب، وإن كان الإسلام في الظاهر يكفي فيه نطق الشهادتين.
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهب بنعليَّ هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه، فبشره بالجنة)).
أدلة اشتراط قول اللسان:
قال تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)).
قال ابن رجب: "ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل مِن كل مَن جاءه يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلمًا، فقد أنكر على أسامة بن زيد قتله لمن قال: لا إله إلا الله، لما رفع عليه السيف، واشتد نكيره عليه".
أدلة اشتراط عمل القلب:
قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].
• ومن السنة:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها لا إله إلا الله، وأوضعها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)).
قال ابن القيم: "أهل السنة مجمعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب".
عمل الجوارح:عمل الجوارح أصل من أصول الإيمان وأحد أركانه، والدليل على ذلك: قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، فنصَّ الله تعالى على أن عبادته في حال الإخلاص، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة الواردتين في الشريعة - كله دين القيمة.•
ومن أدلة السنة:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المَغْنم الخمس)).
• الإجماع على أن عمل الجوارح من الإيمان:قال الشافعي: "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم أن الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر".
الإيمان يزيد وينقص، وأدلة ذلك:
1- قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32]، فالآية تضمنت ثلاث درجات:
الأولى: من حققوا كمال الإيمان المستحب، فهم السابقون بالخيرات الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وهؤلاء هم المقربون.
الثانية: من حققوا كمال الإيمان الواجب، وهم المقتصدون الذين اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرمات، دون أن يزيدوا على ذلك بفعل النوافل، كما في حديث: ((أفلح إن صدق)).
الثالثة: من حققوا أصل الإيمان، وهم الذين معهم أصل التوحيد، وقد اجترؤوا على فعل المحرمات دون توبة، وقصَّروا في فعل بعض الواجبات، فهؤلاء هم الظالمون لأنفسهم، وهذا على أصح الأقوال في تفسير الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق.
ومن السنة:عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل أهل الجنَّةِ الجنَّةَ، وأهل النَّارِ النَّارَ، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا مِنَ النار مَن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)).
الإجماع على أن الإيمان يزيد وينقص:
قال ابن كثير: "ذهب إليه أكثر الأئمة، بل قد حكاه الشافعي وأحمد إجماعًا: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص".

تاج النساء
04-26-2024, 06:48 PM
جزاكي الله خيرا ونفع بكي الأمة الإسلامية
بارك الله فيكي وفي ميزان حسناتك
الله يعطيكي الف العافية
على هذا الموضوع المميز
معلومات مفيدة جدا
ننتظر جديدك المميز
ودي وتقديري واحترامي واعجابي وتقيمي ونجومي